التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المتحف الفلسطيني... من يبنيه؟




رشا حلوة
منذ ما لا يقل عن 5 سنوات، تشهد فلسطين كثير من ورش العمل حول مخططات لبناء المتاحف، في ظلّ وجود عدد لا بأس به منها في بعض المدن، إضافة إلى المتحف الذي سيوثق التاريخ الحديث لفلسطين، والذي وُضع له حجر الأساس قبل شهر في بيرزيت. هناك مخططات عدة لمتاحف، وكأنه بعد ١٠ سنوات ستضم كلّ مدينة فلسطينية متحفها الخاص. يبقى السؤال والعالم يحتفي اليوم باليوم العالمي للمتاحف، ما وظيفة المتاحف؟ ولماذا هذا الهاجس المتزايد ببنائها؟ وما علاقتها بالمجتمع الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال منذ أكثر من ٦٥ سنة وفي اللجوء؟ هل ستوثّق القتل والظلم وسرقة التاريخ والسطو على الآثار والمعرفة والذاكرة الفلسطينية؟
يقال إن المتحف الفلسطيني الجديد سيعمل، على الربط ما بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كلّها واللاجئين. كما سيربط ما بين المتحف الموجود على أرض الضفة الغربية وما بين الفلسطينيين في قطاع غزة. الحديث يدور عن المتحف الأول من نوعه في فلسطين والذي سيعمل على توثيق التاريخ الفلسطيني المعاصر خلال آخر ١٥٠ إلى ٢٠٠ سنة.
لن يقتصر عمل المتحف على الضيوف، بل سيحتوي على «متحف افتراضي» عبر موقعه الإلكتروني، لاستهداف كلّ من هو خارج فلـسطين. وقد جاء في بيان المؤسـسة: «المتحف ليـس لـحفظ الذاكـرة الإنسانية للشعب الفلسطيني وتوثيق الكارثة التي شكلت نقطة تحول في تاريخه الحديث فحسب، وإنما أيضاً لتسجيل قصص كفاحه المستمر وإصراره على حقه في تقرير مصيره». لا يختلف اثنان حول الهدف المهم من بناء المتحف. لكن، في ظل كون الشعب يعيش معظمه تحت الاحتلال، وقسم منه تحت الحصار أيضاً، والقسم الأكبر في اللجوء، ألا يوجد خوف من أن تُنسى هذه الذاكرة حين تُعلق على الحيطان؟
الخوف يكمن في العدد الكبير للمتاحف، لا في فكرة بنائها، إضافة إلى القلق من تجميع التاريخ في نُصُب تذكارية وتحويله إلى طقوس فقط. لا يزال الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال، ولهذا لا تزال الحاجة إلى فنّ مقاوم يشبك مع الناس وهموهم وأحلامهم ويناضل ضد الاحتلال، لا أن يتحول إلى فنّ متاحف فقط، بخاصة أنّ وظيفة المتحف الأساسية تكمن في سرد رواية الناس، وهذه القصة مستمرة، لم تنته بعد. إذاً، لا مشكلة جوهرية في بناء المتاحف، لكن الأسئلة تصب في المخططات لبناء مزيد منها. الأمر الثاني، والذي لا يقل أهمية، هو من يبني المتحف؟ أليست هذه وظيفة الدولة في الدرجة الأولى؟ بخاصة في ظلّ الحاجة الملحّة إلى معرفة من سيكتب التاريخ البصري؟ لا لشيء، فقط لأن تكون لنا رواية موحدة نرويها للأجيال المقبلة، تلك التي ستولد في فلسطين وتلك العائدة إليها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها