التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«معازف» إلكترونية: الموسيقى المحرّمة



رشا حلوة 
مع نهاية عام 2012، انطلقت «معازف» كأول مجلة إلكترونية متخصصة بالدراسات والأبحاث الموسيقيّة. ووفقاً للبيان الذي نشره مؤسسوها الثلاثة: الكاتب معن أبو طالب، الموسيقي تامر أبو غزالة والصحافي الزميل أحمد الزعتري، فإن المجلة ستعمد الى توثيق مسار الموسيقى والعودة بها إلى جذورها الشعبية، وخصوصاً في زمن الثورات العربية، والمساهمة في إيجاد منصة نقدية بالتوازي مع الإنتاج الموسيقي الجديد، والبحث عن التجارب المهمّشة.
حول اختيار اسم «معازف» لهذا المشروع (معازف هي الكلمة التي تُطلق على الآلات الموسيقية الوترية كالعود والكمان)، أوضح أحمد الزعتري (الصورة) «أنّ اختيار الاسم جاء لإعادة صياغة العلاقة الثقافيّة الشعبيّة مع المسلّمات. فبينما تحاول الجهات السلطويّة، الدينيّة أو السياسيّة أو المجتمعيّة، تجيير الثقافة لصفّها، يتم التغاضي عن حقيقة أن صنّاع الثقافة هم العمّال والفنيّون».تعدنا «معازف» بنشر ملفات شهرية يتم تحديثها باستمرار، وتحتوي على مقالات ومراجعات لألبومات موسيقية، وأبحاث وتقارير استقصائية عن القضايا الموسيقية الملحّة والمعاصرة. في عددها الأول، نشرت المجلة ملف «الموسيقى والثورات العربية»، وقرأنا فيه دراسات لصحافيين وموسيقيين من الأردن ولبنان وسوريا وفلسطين والجزائر واليمن، وبينها مقال للشاعر أمجد ناصر، ومقال «رسالة إلى موسيقي شاب» للموسيقي المغربي نجيب شرّادي، ودراسة للأكاديمية اللبنانية مي صبّاغ حول عازف الكلارينيت التركي سيسلر.

«معازف» التي انطلقت بعد حصولها على منحة من «الصندوق العربي للثقافة والفنون»، ستسعى لاحقاً إلى إطلاق راديو خاص بها، والمساهمة في الإنتاج الموسيقيّ عبر تنظيم جلسات موسيقية تجريبية. جدية المجلة ومغامرتها المختلفة تتوضحان أكثر في البيان الذي وقّعه مؤسسوها: «كنا حراس فولكلور. كنا فولكلور. كنا نستبدّ أنفسنا، ونطرح الملاءات للمستعمر الداخلي: المضطِهد، والرقيب، والمستأثر بالحقيقة والدين والإبداع. الموسيقى منتج تراكمي وآنيّ في نفس اللحظة، يصنعه السياسيّ والاقتصاديّ والعالم والطالب (..). الموسيقى دمويّة وحاسمة ضد المطلق وضد السلطة. الموسيقى شوارعيّة؛ خريجة كباريهات ومعازف محرّمة»
.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها