التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشاوير: مشروع كورال للشعب


رشا حلوة

التقت مجموعة من الشباب والشابات المصريين والعرب في أيار 2010 في القاهرة، بهدف العمل على ورشة موسيقية غنائية سُميت بـ "كورال شكاوى القاهرة"، حينها كانت جزءا من مشروع دولي بادر إليه شخصان من فنلندا، مستندين على مثل شعبي فنلندي يقول: "بدل ما تشتكي، غنّي". اعتمد المشروع منذ البداية على فكرة الشكاوى الحياتية من خلال الغناء الجماعي بإشراف وتدريب الفنان المصري سلام يسري (فنان تشكيلي، كاتب ومخرج مسرحي، مؤسس فرقة "الطمي" المسرحية).
 لربما لم يتوقع أحد أن تستمر هذه الورشة لتصبح من أهم المشاريع الإبداعية الشبابية في مصر والعالم العربي ويتحول اسمها إلى "مشروع كورال"؛ يلتقي تحت سقفها كلُّ من لديه مقولة اجتماعية وسياسية وثقافية نقدية ليشاركوا نفس الهمّ والحلم في لقاء يمتد إلى أسبوع، لا للحديث عنها، بل لكتابة كلمات وتلحين بشكل جماعي ينتج عنه أغاني عديدة تُقدم إلى الجمهور الأوسع فيما بعد، وتصبح في كثير من الأحيان من أهم أغانٍ الثورة المصرية المستمرة، كما أغنية:"الشعب يريد حياة الميدان".
"مشروع كورال" هو لقاء مجاني، غير مطلوب من أحد أن يدفع شيئا للمشاركة، كما الجمهور تماما حين يأتي للحضور، ولا أن يكون للمشاركين أصوات جميلة للغناء، إن الدمج ما بين الأصوات المختلفة والتي في معظمها لا خلفية غنائية لديها هو المطلوب. فالمشروع عبارة عن منصة للمشاركة، لإحضار همّ الشارع المصري بشكل خاص إلى أغنية جماعية تتحدث باسمه بدون أن تكون الكلمة الجدية هي المُلزمة، فكان لمشروع كورال أغان عديدة، خاصة قبل الثورة، تحكي عن "الأمثال الشعبية المصرية" من خلال "كورال أمثال"، أو "كورال الإعلانات" بما فيه من سخرية على الإعلانات التجارية. متنقلا فيما بعد إلى العالم العربي، فحين وصل إلى عمان، غنّى "مشروع كورال" هناك بمشاركة مجموعة مختلفة، أغاني تعبّر عن الشارع الأردني، وفي بيروت كذلك، وأيضا حين وصل سلام يسري إلى ألمانيا والتقى بمجموعة من المغتربين المصريين هُناك، عملت المجموعة على أغانٍ تحكي الواقع الخاص بها والحنين إلى الوطن الأم.
الكثير من لقاءات "مشروع كورال" تعتمد على السياق العام، خاصة السياسيّ منه بعد بداية الثورات العربية، وثورة مصر تحديدا، بالإضافة إلى أغنية "الشعب يريد حياة الميدان"، والتي وصل عدد المشاهدات لها في موقع "اليوتيوب" إلى 120862 (لحظة كتابة هذا المقال) والتي لا زالت تُطلب في كلّ عرض "لمشروع كورال" في مصر والعالم العربي، تم العمل أيضا على ورشة "إيه العبارة؟"، والتي تم الدعوة إليها بعد أحداث "ماسبيرو" في القاهرة، وخلال لقاء امتد ليوم واحد فقط بمشاركة 120 شابا وشابة مصريين أُنتجت أغنية "إيه العبارة؟"، هذه الورشة الاستثنائية تم تحديد موضوعها قبل اللقاء نظرا للأحداث التي شهدتها مصر وبنيت عليها كلمات والحان جماعية، لكن اجمالا يكون اختيار المواضيع مفتوحًا للمشاركين عند عقد اللقاء ذاته. وصل عدد المشاهدين لأغنية "إيه العبارة؟" إلى 44496 (حتى الآن)، يقول مقطع من الأغنية:"عندي سؤال حَيفرتك مخي/ لو أنا كتمته وما سألتوش/ إيه العبارة؟/ إيه هي الثورة؟/ مين اللي عملها؟/ فين اللي حماها؟/ مين اللي سرقها؟/ مين ماسك إعلامها؟/ مين اللي حاكمنا/ محاكمة عسكرية؟/ مين اللي بيوصفنا/ إن إحنا بلطجية؟/ فين الدبابة؟/ مين اللي سايقها؟/ مين اللي دهسنا؟/ إيه العبارة؟/ مين اللي واكسنا؟/ مين اللي مجوعنا؟/ مين قاتل فرحتنا؟/ إيه العبارة؟/ مين اللي مخوننا؟/ مين اللي مفرقنا؟/ مين اللي كابتنا؟/ إيه العبارة؟".

- "مشاوير" هي زاوية إسبوعية عبر الملحق الأسبوعي لصحيفة "الإتحاد" الفلسطينية والصادرة من مدينة حيفا، ألقي الضوء من خلالها على تجارب إبداعية فلسطينية وعربية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها