التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خالد جرار: ختم لطائر الشمس


رشا حلوة

عكّا | في كلّ يوم، ينتظر الفنان الفلسطيني خالد جرار القادمين إلى رام الله من الأجانب، عبر «مجمع الباصات» الرئيسي. ينتظرهم حاملاً «ختم دولة فلسطين»، وهو ختم من تصميمه، باللغتين العربية والإنكليزية، وحفرت عليه صورة طائر الشمس الفلسطيني، المسمّى الطنان...

هذا الختم هو جزء من مشروعه الفنّي «اعمل وعش في فلسطين»، الموجه إلى الأجانب في الأراضي المحتلّة عام 67، يدعوهم إلى الحصول على بطاقة «إقامة» رمزية. أراد جرار توسيع هذا المشروع الفنّي، على نحو لا يقتصر فقط على منح بطاقات وهمية للأجانب، بل يصير ختماً حقيقياً يوضع على جوازات سفرهم. هكذا، يتحدَّث إلى الوافدين إلى رام الله بالباص، ويشرح لهم المشروع، موضحاً المخاطر التي من الممكن أن تواجههم من قبل الأمن الإسرائيلي. بعضهم يوافق على وضع الختم، وبعضهم الآخر تعجبه الفكرة، لكنّه يتراجع عن قبول الختم تحسباً لأي مشاكل في المطار وعلى المعابر.
على صفحة خاصة بالمشروع على فايسبوك تحمل عنوان Live and Work in Palestine، يتلقّى جرار ردود فعل من حصلوا على الختم. تكتب «زينتا» على حائط المجموعة مثلاً: «احتُجزنا لـ 4 ساعات، وكان هنالك نقاش بين المسؤولين بشأن اتّخاذ قرار بما يجب القيام به، بخصوص جوازات سفرنا، كما قالوا لنا إنه رغم أنّ الختم عمل فني، هو غير قانوني بحكم الواقع، وقد يمنعنا من العودة مجدداً».
تشمل مسيرة خالد جرار الأفلام التسجيلية، والتصوير الفوتوغرافي، وبالإمكان تصنيفها ضمن «الفنّ العام»، الموجه إلى الشارع والمتفاعل معه قدر الإمكان. نتذكر في هذا السياق معرضه «عَ الحاجز» عند حاجز حوارة، إضافةً إلى مشروع «ختم دولة فلسطين»، الذي أصبح جزءاً من المشهد العام اليومي في «مجمع الباصات». «كلّ من يوافق على ختم جوازه بالنسبة إلي هو فنان»، يقول جرار لـ«الأخبار». «أنا أؤمن بالفنّ الذي يُحدث تغيراً ما. لا أحبّ عزل نفسي في الاستوديو والغاليري».
رغم أنّ مشروع خالد جرار «عش واعمل في فلسطين» يأتي بالتزامن مع فترة الاستعداد للإعلان المفترض عن الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، إلا أنّه ينفي أي علاقة له بذلك. يقول: «مشروعي هو رسالة إلى العالم، بأنّ لنا الحق أن نعيش في هذا المكان، في مكاننا. وبالنسبة إليّ، تبقى فلسطين، هي فلسطين التاريخية».

عن "الأخبار" اللبنانية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها