التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كاميليا جبران “تبني” ألبومًا جديدًا

|رشا حلوة|

أصدرت كميليا جبران، الفنانة الفلسطينية ابنة قرية الرامة الجليلة، في نيسان الماضي 2010، ألبومها الجديد والثالث بعنوان “وَنبني”، بالتعاون مع الموسيقي السويسري فيرنر هاسلر، وهو بمثابة الألبوم الموسيقي الرابع لكميليا جبران ضمن مشروعها الموسيقيّ الخاص، بعد “محطات”، “وميض” و”مكان”.

يحتوي الألبوم على 9 أغانٍ، منها: “ونبني” (كلمات فضل العزاوي)؛ “ونعرف” (كلمات عائشة أرناؤوط)؛ “وحدي” (كلمات فضل العزاوي)؛ “ولسنا” (كلمات ديمتري أناليس)؛”أسرى” (كلمات حسن نجمي)؛ و”شمس” (كلمات سوسن دَرْوَزة)، والتي صاغتها موسيقيًا كميليا جبران مع فيرنر هاسلر.

“ونبني” في حديث خاص لموقع “قديتا.نت” مع الفنانة الفلسطينية كميليا جبران، حول اختيار اسم الألبوم “وَنبني”، قالت: “بإعتقادي إنه عنوان نحتاج إليه اليوم”.

JUBRANHASLER350

كميليا جبران وفرنر هسلر

وُلدت كاميليا جبران في مدينة عكا، لوالديْن فلسطينييْن من قرية الرامة في الجليل الأعلى. الياس جبران، والد كاميليا، صانع الآلات الموسيقية الأصلية ومُدرّس للموسيقى، كان المصدر الأول لابنته في ما يخصّ الموسيقى الكلاسيكية الشرقية.

“الخطوة الأولى في مرحلة “وَنبني” كان محورها التساؤل حول كيف نودّ أن تكون أغنية “الشاطئ الآخر” لو قمنا بالعمل عليها اليوم”

بدأت كاميليا جبران مسيرتها الموسيقية وهي في الرابعة من عمرها، حيث تعلمت دروس العزف الأولى على العود والقانون على يد والدها. إنتقلت إلى القدس عام 1981، وانضمّت إلى الفرقة الموسيقية الفلسطينية “صابرين” عام 1982، وهي الفرقة التي أسّسها الموسيقي الفلسطيني سعيد مراد. في القدس، وطوال عشرين عامًا، كانت تجربة “صابرين” إحدى أهم التجارب الغنائية العربية المعاصرة، والتي كانت كاميليا جبران عمودًا رئيسًا فيها.

في عام 2002 انتقلت جبران إلى سويسرا واتجهت إلى أساليب موسيقية جديدة حيث بدأت تجربتها الفنية المستقلة، معبّأة بكل تجاربها السّابقة كمغنية ومُلحّنة. تجسّد ذلك بشكل أساسيّ في مدينة “بيرن” عندما قدّمت عمل “محطات”. وفي عام 2004، صدر لها عمل ثنائيّ بعنوان “وَميض” بالتعاون مع الموسيقي السويسري فيرنر هاسلر، وهو موسيقيّ متخصّص في الموسيقى الإلكترونية. مطلع عام 2009 صدر لها ألبوم “مكان”، ويتألف من تسع أغان من تلحينها، لنصوص كتبها سلمان مصالحة وحسن نجمي وآخرون، برفقة آلة العود، والتي قدمته في حيفا، في تشرين الأول 2009 بدعوة من “بيت الموسيقى” في شفاعمرو.

عن الاختلاف ما بين تجربتها الموسيقية في “محطات” و”وميض” و”مكان” وبين العمل الأخير “وَنبني”، تقول جبران: “أستطيع أن أجمل القول بأنّ “وميض” و”وَنبني” هما تجسيد لمحاولة خلق حوار موسيقي بين ثقافتين مختلفتين في ماضيهما، مبنيّ على حبّ الاستطلاع والمغامرة والتساوي، بعيدًا عن الكليشيهات السائدة. ثمة فارق زمنيّ لا بأس به بين “وَميض” و”ونبني” كان من شأنه أن يمنحنا المزيد من الثقة ومن الجرأة لخوض مرحلة جديدة لم تكن مُبرمَجة مسبقًا. في مرحلة “وميض” اضطررنا لخلق فضاء أو “ملعب” مشترك يسهّل علينا عملية التحاور والتبادل. ومع الزمن وبشكل طبيعي شكّل هذا الفضاء المشترك خشبة قفز نحو خطوة جديدة. في “وَنبني” هناك عودة أو مراجعة لكلٍّ منا لجذوره الموسيقية، من ناحية، ومحاولة لتفهم أعمق لجذور الآخر.”


الشاطئ الثاني…

أما عن ألبوم “مكان”، والذي يختلف من ناحية الطابع الموسيقيّ الذي يحتويه، أي أنه تجربة تدمج ما بين الكلمة والصوت واللحن والعود فقط. تقول جبران: “ألبوم “مكان” هو تجربة منفردة خضتها ما بين مرحلتيّ “وميض” و”وَنبني”. وهو أيضًا استمرارية لعملية بحث ولتساؤلات حول الأغنية كنت بدأتها منذ عام 2002 في مشروع “محطات” الذي قدّمت فيه أغنياتٍ مثل “تلك الليلة” و”كيف أسمّيها”، حيث أحاول في ألبوم “مكان” اختبار امكانيات جديدة في التعبير من ناحية والأخذ بعين الإعتبار تأثيرَ الفضاء الذي تحدث فيه الأغنية على أجوائها، من ناحية أخرى”.

بعد “مكان”، هذه التجربة الخاصّة والمنفردة، تعود جبران للعمل على موسيقى تدمج ما بين العود والموسيقى الإلكترونية للمرة الثانية. عن اختيارها لخوض التجربة مرة أخرى، تقول جبران: “ألبوم “وميض” هو ثمرة أولى للقائي الموسيقيّ مع فيرنر هاسلر. بعد عشرات العروض التي قدّمناها معًا في أماكن مختلفة في العالم، تولد لدى كلينا الإحساس بالحاجة لتطوير “لغتنا الموسيقية”، فجاء ألبوم “وَنبني” كنتاج لهذا التطوّر، إذا صحّت هذه التسمية”.

أما عن اختيارها للنصوص من أجل تلحينها في ألبومها الجديد “وَنبني”، قالت جبران: “إنّ الخطوة الأولى في مرحلة “وَنبني” كان محورها التساؤل حول كيف نودّ أن تكون أغنية “الشاطئ الآخر” (ألبوم “وميض”) لو قمنا بالعمل عليها اليوم (2008، بداية العمل على الألبوم- ر.ح.). وبما أنني لم ألتقِ بكاتب هذا النصّ -ديميتري أناليس- اخترتُ أن أعيد قراءته وأنتقي جملاً أخرى، مع الحفاظ على حلقة وصل تذكّرنا بأغنية “الشاطئ الآخر”. ومن ثم أعدتُ الاتصال بمعظم الشعراء الذين استخدمت بعضًا من نصوصهم في ألبوم “وميض” باحثةً عمّا عايشوه وعبّروا عنه ما بعد عام 2003، فشكلت النصوص الجديدة حلقة وصل وامتدادًا طبيعيًا لمرحلة “وميض” بالتوازي مع الخط الموسيقي”.


إلكتروني بشكل طبيعي

في مرحلة “وميض” اضطررنا لخلق فضاء أو “ملعب” مشترك يسهّل علينا عملية التحاور والتبادل

فرنر هسلر موسيقي سويسري، يعمل على الموسيقى الإلكترونية، كان كلّ من ألبومي “وميض” و”وَنبني” نتاج تعاون موسيقيّ بينه وبين جبران. عن هذا اللقاء يقول لنا هسلر: “أحببت البحث والتطوير والتكريس وبالطبع أسلوب غناء كميليا جبران الخارق وعزفها المُميّز والخاصّ بها على آلة العود”. وعن الدمج ما بين آلة العود الشرقية والموسيقى الإلكترونية يقول هسلر: “أعتقد أنّ هذا الدمج يُسمَع بشكل خاص لأنه لا يُسمع في كلّ مكان وفي الحياة اليومية. بمقدور عزف الموسيقى باستخدام الآلات الإلكترونية أن يفتح فضاءاتٍ غير موجودة لأنّ هنالك استكشاف لإمكانيات صوتية واسعة.

“أنا عن نفسي أفضّل احتواء أصوات خارجة من العود في موسيقاي الإلكترونية من أجل بداية موسيقية متجانسة. من المهم جدًا بالنسبة لي أن أعزف موسيقى إلكترونية مع ارتجال الموسيقيين، وبهذا أكثر حريّة للتفاعل مع مبنى الأغنية”.

ويضيف: “إستخدام الإمكانيات الآلاتية الموسيقية هو تطور طبيعيّ لموسيقى اليوم. كان ثمة تطوّر دائم للآلات خلال العقود، في كلّ الأنواع والأساليب الموسيقية، وتعود جذور الموسيقى الإلكترونية إلى فكرة العنصر العضويّ الذي أتى من البيزنطيين وتطوّر في أوروبا إلى عناصر عديدة مع امكانيات صوت عديدة أيضًا. فاستخدام الحسّ الإلكتروني كمصدر للصوت بدلاً عن الفلوت، على سبيل المثال، هو خطوة إضافية في المنطق. وفي الوقت ذاته ثمة تطوّر آخر: في بداية القرن العشرين كانت هناك آلة إلكترونية اسمها Theremin وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى مخترعها الروسي Leon Theremin. Theremin هي آلة تتبع لمنطق آلة الكمان، حيث جميع إمكانيات العزف فيها معقولة. ما أريد قوله هو أنه ليس هنالك آلة موسيقية إلكترونية واحدة أو موسيقى من نوع واحد لآلة إلكترونية؛ ثمة أساليب عديدة لاستخدام الآلات الإلكترونية من تركيب الصوت إلى الموسيقى الملموسة. كان هناك دمج ما دائم بين الآلات الإلكترونية والآلات الحيّة، وليس هنالك سبب لئلا يكون الوضع مشابهًا اليوم. الأصوات الالكترونية هي أصوات مرنة، وبإمكان هذا الدمج أن يكون جميلاً كأيّ دمج لآلات في الأوركسترا”.


(عن "قديتا.نت")


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها