التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مدونات لم تكتمل بعد..


(رشا حلوة)

تسمع أحيانًا حين تجلس مع أصدقاء، أو حتى أشخاص قابلتهم للمرة الأولى، أقوالاً ترغب بأن تحتفظ بها إلى الأبد. غالبًا ما تندم بأنك لم تحضر مدونتك الصغيرة لتُسجل عليها جملاً قالها أحدهم في هذه الجلسة. وأحيانًا، لا تحتاج إلى أي مدونة، لعقلك القدرة بأن يُخزن تلك الأقوال القيمة والتي تؤثر عليك لحظتها حين تُقال، أو حين تدغدغ حالةٌ ما ذاكرتك.
هذه بعض الأقوال التي حفظتها، من دون مدونة خطية.
//
قال لي صديق ما:"حين أسمع أغنية تذكرني بحبيبتي، وسرعان ما تنته الأغنية، أنساها..وحين أسمع موالاً يذكرني بحزن أبي، فحين ينتهي الموال، أنساه. أما حين أسمع أغنية عن الوطن، يعودون جميعهم إلى ذاكرتي مع الوطن، فكيف أنساه؟".
//
قال لي صديق آخر:"حين أمر مساءً بجانب صياد يقصد البحر ليلاً، أحييه كعادتي كما كل يوم أراه فيه، فيرد السلام عليّ بغير نبرة. وحين أُنهي لقاءنا السريع قائلاً "الله يسهل عليك"..يرسم بسمة مرتاحة، ربما يتأكد قليلاً بأنه عائد إلى البر بعد رحلته".
//
قالت لي صديقتي السمراء مقتبسة قولاً لأحد ما:"قلت لك بأن الحقائق المُخرسة تصبح سامة،
وبعد ما بحتِ بالسر له، تأتينني لتلومينني قليلاً، يا عزيزتي..لقد قلت لك أن الحقائق المُخرسة تصبح سامة، ولكني لم أقل لك أن الحقائق، إذ بحتِ بها، ستؤثر عليه كما تشائين".
//
قالت لي صديقة أخرى:"حين ألتقي بك، أرى رائحتك قبل أن أرى ملامح وجهك. فتعيدني إلى أيام قد عانقت الأصدقاء يومًا ما، ولن تعود..لا تغيري نوع العُطر، كي نحاول أن نلملم ما تبقى من الذكريات، أنا ورائحتك".
//
قال لي صديق لاجئ:"لا تحدثيني عما لن أحب في الوطن والبلاد، سيري معي ببطء في أحلامي، واتركيني أرسم الطرقات كما حدثني عنها جدي، وإلى أن أعود، سيكون لنا متسعًا من الوقت لنلعن الحياة كلها".
//
قال لي صديق شاعر:"أريد أن أضحك ملئ صوتي من دون أن يحاسبني أحد، ولا حتى النيام إن أيقظتهم. أريد أن أضحك بحرية، فصوتي هو كل ما تبقى لي".
//
قال لي صديق من بلدي:"قلقي على بلدي يجعلني دائم التساؤل، كيف يرحل معظم من يرغب بأن يمنح قليلاً من وقته للبلدِ حين يقضي معظم وقته خارجه؟ ويعيش بعيدًا عنه معظم أيام السنة.."
//
قال لي صديق صحافي:"لا تسموني صحافي ولا كاتب ولا ما تشاؤون، ربما أقرر أن أصبح صيادًا ماهرًا فيما بعد، فهذه متعتي المخفية عنكم!".
//
قال لي والدي:"حين تذهبين إلى حيفا، لا تقولي بإنك "عائدة" إليها، فأنت ذاهبةٌ إلى حيفا، وعائدةٌ إلى عكا في نهاية الأسبوع..فلا بيت آخر لكِ سواها".
//
قالت لي أختي:"رمادية الوجوه في الغربة، تذكرني رغم أنفي بأني أحتاج إلى دفء العيون في بلدي، بالرغم من أني أنكرتُ هذا يومًا".
//
قال لي أخي الصغير:"ألم أقل لك لا تذهبي إلى حيفا؟ فنحن نأكل الفول الآن أمام المدفئة في هذا البرد".
//
قالت لي خالتي الصغيرة:"كلّ الحياة مهزلة، سوى اللوز الأخضر".
//
قال لي شخص عابر (أو هكذا اعتقدت):"......"
//
وقلتُ أنا:"سأحتفظ بأقواله المأثورة لنفسي، لم تُجهز لتخرج علنًا بعد".

حيفا، آذار 2008


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها